هل الآن حياتي أكبر لأني في مدينة أكبر؟ ما أشعر به حالياً هو الوفرة، فما كنت أتخيله تجلى. أؤمن أنه في هذا الكون الواسع الوفير وضع الله كل ما أحتاجه وتحتاجه أنت. دائماً توجد فرص، إمكانيات مختبئة، نِعم، صداقات جديدة تفتح لك أبواب لا تتخيلها.
اليوم هو الخامس عشر من شهر إبريل، أي مضى ما يقارب الشهر والنصف على إنتقالي إلى مدينة الرياض. الجو اليوم مختلف عن البارحة، ويبدو أن الطقس هُنا لا يمكن التنبؤ به، يشبه حالتي منذ إنتقالي. لا أعترض التغيرات المفاجئة أو أقاومها، بل بغرابة أجد نفسي أُرحب بها فاتحةً أبواب قلبي رغم خوفي مما ستجلبه هذه التغيرات إلى حياتي; صحتي، كتاباتي، نومي، تفكيري، والمشاعر التي لابد من مواجهتها بمفردك في أي تجربة جديدة تخوضها. لا أدري لماذا كنت أتوقع أن الانتقال المؤقت بسيط، ربما أستسهلت ذلك لأني لم أجلب معي سوى حقيبة كبيرة وأخرى صغيرة جداً لسفر مدته ثلاثة أشهر وأيام معدودات، لكن يبدو أن الأشياء المؤقتة تجلب معها شعور التشتت! لم أطبخ شيء منذ انتقالي لأني أعيش في فندق، والطبخ شيء أشتاق له لأني معتادة على طبخ الوجبات لنفسي. بالمقابل كثُر صرفي على الطعام، وأصبحت تطبيقات التوصيل هي الصديق الذي لا غنى عنه. ربما يجب على المرء أن يسمح لبعض التغيرات أن تدخل على روتينه لتكشف له جوانب جديدة من شخصيته، أو لتختبر قدرة تحمله. أحاول أن أستمتع بتجربتي الجديدة المؤقتة في الرياض، وبظروفها المختلفة، كفنانة انتقلت من البحر للبر في مُهمة فنية. أؤمن أن لكل مدينة تأثير مختلف على شخصيتي، فأنا هُنا أشعر أنني مختلفة بعض الشيء عن هُناك، ومختلفة عن أي مكان آخر كنت فيه وسأكون. فكل مدينة أتعرف بها على جانب فيّ كان مختبئ ينتظر الوقت المناسب لأقول له إظهر وبان عليك الآمان.
هنالك مدن تمشي فيها الحياة ببطئ، ويتغير فيها مفهومك عن الزمن، وهنالك مدن كالرياض سريعة جداً. لحسن حظي أنني معتادة على الجري. هُنا في هذه المدينة السريعة أُجدد مفهومي عن الزمن، ومفهومي عن أمور أخرى.